/ الْفَائِدَةُ : (15) /

21/03/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / عنوان ومُصطلح: (الخلق) و(التَّخليق) / يُطلق عنوان ومُصطلح: (الخلق) و(التَّخليق) في بيانات الوحي وأَبواب المعارف والبحوث العقليَّة علىٰ معانٍ، أَشهرها معنيان: أَحدهما: مُطلق الإِيـجاد، أَعَمّ مِنْ إِيجاد الجسمـانيَّات والمادِّيَّات والمُجرَّدات. الآخر: إِيجاد الجسمانيَّات والمادِّيَّات فقط (1). والأَوَّل أَكثر شيوعاً واستعمالاً، وَأَعَمُّ مُطلقاً؛ فإِنَّه قد يُخلق الوجود المُجرَّد للمخلوق الجسماني والمادِّي قبل تعلُّقه بمُطلق الجسم والمادَّة، وحينئذٍ يصدق عليه العنوان الأَوَّل دون الثَّاني. ويُصطلح علىٰ المعنىٰ الأَوَّل: «خلق وتخليق بالمعنىٰ الأَعم»، وعلىٰ المعنىٰ الثاني: «خلق وتخليق بالمعنىٰ الأَخصِّ». وإِلى هذا المعنىٰ أَشارت بيانات الوحي، منها: 1ـ بیان قوله تعالىٰ: [إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ](2). 2ـ بيانه جلَّ وتقدَّس: [وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ](3). 3ـ بيانه تقدَّس ذكره: [هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا](4). 4ـ بيانه جلَّ قدسه: [إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ](5). 5ـ بيانه تقدَّست أَسماؤه: [اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً](6). ودلالته كسوابقه واضحة. وإِلى المعنىٰ الأَوَّل أَشارت بيانات الوحي أَيضاً، منها: أَوَّلاً: بيان قوله جلَّ ذكره: [وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ](7). ودلالته واضحة؛ فإِنَّ مخلوقات الله جسمانيَّة ومادِّيَّة ومُجرَّدة، وإِطلاقه شامل للجميع. ثانياً: بيانه جلَّ ثناؤه: [وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا](8). وهذه إِشارة إِلى وجود الإِنسان وخلقه قبل تعلُّق الرُّوح بالبدن، حينما تعلَّقت به المشيئة الإِلٰهيَّة فصار شيئاً مذكوراً. ثالثاً: بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله: «أَوَّل ما خلق الله نوري، ابتدعه من نوره واشتقَّه من جلال عظمته»(9). رابعاً: بيانه صلى الله عليه واله في حديث المعراج: «قلتُ: يا ملائكة رَبِّي، هل تعرفونا حقّ معرفتنا؟ فقالوا: يا نبيّ الله، وكيف لا نعرفكم وأَنتم أَوَّل ما خلق الله؟! خلقكم أَشباح نور مِنْ نوره في نور من سناء عزِّه، وَمِنْ سناء ملكه، ومِنْ نور وجهه الكريم ... قبل أَنْ تكون السَّمآء مبنيَّة والأَرض مدحيَّة ...»(10). خامساً: بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «إِنَّ الله تبارك وتعالىٰ خَلَقَ اسماً بالحُرُوف غير مُتَصَوَّتٍ، وباللَّفظ غير مُنْطَقٍ ... فَجَعَلَهُ كلمةً تامَّةً علىٰ أَربعة أَجزاءٍ معاً، ليس منها واحدٌ قبل الآخَرِ، فأَظهر منها ثلاثة أَسماءٍ؛ لِفَاقَةِ الخلق إِليها، وَحَجَبَ واحداً منها ... فالظَّاهِرُ هو: (الله، وتبارك، وسبحانه)(11)، وسَخَّرَ سبحانه لكُلِّ اسم من هذه الأَسماء أَربعة أَركان، فذلك اِثْنَا عشر رُكناً، ثُمَّ خلق لكلِّ ركنٍ منها ثلاثين اِسْماً فعلاً مَنْسُوباً إِليها، فهو الرَّحمٰن، الرَّحيم، الملك، القُدُّوس ... وذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ: [قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى](12)»(13). ودلالة الجميع واضحة. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عَالَم الجسمانيَّات والمادِّيَّات ـ بطبقاته المُختلفة لطافة وغلظة ـ أَعَمُّ من عَالَم النَّشْأَة الأَرضيَّة، فيشمل: السَّماوات وعَالَم الآخِرة الأَبديَّة وما فوقها. (2) الأَعراف: 54. (3) الأَنبياء: 33. (4) غافر: 67. (5) الصافات: 11. (6) الروم: 54. (7) الأَنعام: 101. (8) مريم: 9. (9) بحار الأَنوار، 15: 24/ح44. رياض الجنان: (مخطوط). (10) بحار الأَنوار، 15: 8/ح8. تفسير فرات: 134ـ 136. (11) في التوحيد المطبوع، والكافي: (هو الله تبارك وتعالىٰ). (12) الإِسراء: 110. (13) بحار الأَنوار، 4: 166/ح8. أُصول الكافي، 1/باب: حدوث الأَسماء: 78/ح1